تونس في 22 ديسمبر 2014
بيــــان
إذا الشعب يوما اراد الحياة فلابدّ أن يستجيب القدر
يحقّ لنا اليوم ،والهيئة العليا المستقلّة للانتخابات تعلن عن النتائج الأوّلية للدّور الثاني من الانتخابات الرئاسية ،أن نتوجّه إلى شعبنا بالتهنئة على نجاحه في الخروج من مرحلة انتقالية صعبة بطريقة سلسة سلمية حضارية،ويحقّ لنا أن نفتخر بصبر هذا الشعب الجبّار وبقدرته على تحقيق الانتصار لكلّ تونس في اتّجاه بناء الجمهورية الثانية بضمانات دستور توافقي و على أسس ديمقراطية وعبر انتخابات نزيهة وشفّافة ،رغم بعض الشوائب الناتجة عن الاحتكاك والتنافس .
ويحقّ لنا أن نعتزّ بتصميم مجتمعنا المدني،بمن فيهم الإعلاميون، على المساهمة الفاعلة في نحت مسار ديمقراطي لا رجعة فيه إلى الديكتاتورية والاستبداد ،كما يحقّ لنا أن نفتخر بقدرة نخبنا السياسية على التحاور والتوافق لما فيه خير تونس.
لقد انتصرت ،بختم المسار الانتخابي ،إرادة الحرية على الاستبداد ،وخفقت راية تونس على كلّ التراب التونسي موحّدة جنوبه بشماله وشرقه بغربه، مؤكّدة ألاّ تعدّد وتنوّع دون تنافس شريف كان لكلّ الخائضين فيه شرف الإسهام في المشاركة في أوّل انتخابات مباشرة غابت عنها أيادي التدليس والتلاعب التي عانينا منها طويلا.
إنّ التجربة التي أرسيناها جميعا ستقدّم النموذج التونسي للوصول إلى الديمقراطية على أنّه الأمثل والأفضل لأنّه أنجز بعقول وسواعد تونسية خالصة ولأنّه قدّم درسا في السلمية والتحضّر جديرة بشعبنا وبعراقة حضارته وبتجذّر قيم الحرية والحداثة والتقدّم في تربته التي لا تقبل نوازع العنف ونعرات الإرهاب والانغلاق.
لكنّ كلّ ذلك لا ينسينا أنّ جزءا هامّا من شبابنا ،وخاصّة منهم شباب الثورة ،قد اضطرّ إلى قرار المقاطعة والعزلة والسلبية ليبلغنا رسالة تحمل من الغضب والرفض والإحباط، ما يدفعنا إلى أن نصغيَ إليه وإلى شواغله وأهمّها مطالب ثورته التي ظلّت معلّقة في التشغيل والكرامة والتنمية العادلة. وهو ما يحمّلنا مسؤولية وطنية جسيمة إضافية تقضي بألاّ نجاح لأيّ مسار ديمقراطي لا يكون له عمق اجتماعي وبعد وطني سيادي، يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ويحفظ كرامة التونسيين بتحقيق الحقّ في الشغل والحقّ في الرفاه،فضلا على ضمان الحرّيات جميعها.
لنواصل البناء بهدوء وحكمة ووحدة فطريق الديمقراطية طويلة.