Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
18 mai 2015 1 18 /05 /mai /2015 23:05

 

بقلم : محمد المناعي

يحيي الشغالين وعموم الشعب التونسي من جديد عيد الشغل في الفاتح من ماي ، مستذكرين نضالات أجيال من أجل الكرامة و من أجل العمل الائق و في سبيل اقتلاع الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية ونضال وطني من أجل الديمقراطية و العدالة الاجتماعية ، لكن أيضا مستذكرين معاناة أجيال من الشغالين في المناجم و المزارع و المصانع وبالفكر في جميع القطاعات بنو هذا الوطن بسواعدهم و فكرهم ولازالوا  و تحملوا كل الأزمات المتعاقبة و فشل الخيارات التنموية و الاقتصادية التي سلكتها الحكومات المتتالية و لا يزالون ضحية أياد مرتعشة لا تقوى على طرح الملفات الاجتماعية الحارقة و ليس لها الارادة و الجرأة على حلها ليبقى العامل فريسة التهاب الاسعار و تردي المقدرة الشرائية وركود الأجور و تعطل المفاوضات الاجتماعية في المقابل ادانة التحركات الاجتماعية و تحميل المسؤولية للاتحاد العام التونسي للشغل بل و البحث عن حزام سياسي لحكومة احتكرت أغلب السلطة التشريعية و التنفيذية براسيها و لم تقدم للناس غير العجز مما يطرح التساؤل هل الحكومة في حاجة لحزام مساندة أم المواطن في حاجة لحزام اجتماعي يذود عن مصالحه و ينتشله من حافة الفقر .

لم تكن تركيبة الحكومة و لا المحاصصة التي قامت عليها لتحمل أي مؤشر للنجاح في تقديم الاجابة على انتظارات المواطنين وفتح الملفات الاجتماعية العاجلة ،فعلاوة على برنامج الأحزاب الأربعة المغرق في الليبيرالية المشوهة انطلقت حكومة الحبيب الصيد دون برنامج واضح و أهداف محددة و أولويات مستعجلة ، فبدى أضعف رئيس حكومة منذ الثورة الى اليوم رغم أن حكومته تستند لأغلبية برلمانية كاسحة ، وبدى الوزراء معزولين مرتجلين دون سند لا حكومي و لا من الأحزاب المتحالفة ولا من غيرها حيث تحولت قيادات الحزبين الاكبر الى القيام بدور المعارضة و الموالاة في نفس الوقت في ظل ضعف و تشرذم المعارضة الحقيقية.

وفي الوقت الذي كانت فيه الأمال معلقة على الانطلاق في معالجة الانهيار الكامل للاقتصاد الذي خلفه حكم الترويكا و الاختلال الكلي الموروث عن العهود السابقة خاصة وأن هذه الحكومة الاولى ما بعد الفترة الانتقالية و التي لها القوة الانتخابية و الوقت الكافي للاتخاذ اجراءات عملية في هذا الاتجاه ، لم تتجاوز حكومة الصيد مجرد الاستعراض الاعلامي على شاشات التلفاز بالزيارات "الفجئية" المبرمجة و بالكشف عن مخازن للحوم ومواد غذائية تالفة وملحمة لحم الحمير الشهيرة و ايقاف عملية تهريب يتيمة ،و الجميع يعلم ان هذه الوضعيات هي واحدة من بين الاف التجاوزات والفساد الذي ينخر الدولة التونسية من تهريب و تبييض اموال و تجارة مخدرات و سلاح و احتكار و نهب للمواد المدعمة و التهرب الجبائي و التغطية على الجرائم وغيرها ، ولم تكن أكثر ترددا وارتجالا من حكومة الترويكا بخصوص السياسة الخارجية.

 و سيرا على نهج حكومات بن علي و النهضة انطلقت هذه الحكومة في تعيين كبار المسؤولين و الولاة على قاعدة الولاء الحزبي ورسكلة و اعادة لوجوه من النظام القديم و اخراجها للناس على أنها المنقذ و أصحاب التجربة و الالتفاف على العدالة الانتقالية بالقفز مباشرة للمصالحة في صورة ممنهجة لترويج الافلات من العقاب و من المحاسبة على انه طيا لصفحة الماضي .

لكن المعضلة الكبرى هو التعاطي الحكومي مع الوضع الاجتماعي ، فقد شهد شهر افريل الفارط أول عملية اختبار قوة بين المنظمة الأولى في تونس الاتحاد العام التونسي للشغل و الحكومة وتحديدا وزارة التربية بعد أن طالت ازمة التعليم الثانوي وبلغت طريقا مسدودا عولت فيه السلطة على تراجع الطرف الاجتماعي لتكون الضربة القاضية لكل حراك مشابه في مختلف القطاعات ، وهو ما يذكرنا بأول اختبار قوة بين حكومة الترويكا و المجتمع المدني و السياسي في أفريل 2012 حين منعت الحكومة التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة و تم اقتلاع هذا الحق و رفع المنع بضغط من الاحزاب السياسية و الاتحاد في مثل هذه الايام .

كان من المنتظر أن تواجه حكومة الصيد ملفات مستعجلة عامة خاصة ملف البطالة وملف المفاوضات الاجتماعية حول الزيادة في الأجور وملف ضبط الأسعار و الحد من التهابها لتعديل المقدرة الشرائية للمواطن ،وملف النظافة وملف الثروات الطبيعية وخاصة الفسفاط فضلا عن ملفات أخرى ذات علاقة بالاستقرار الوطني عموما وتنقية المناخ الاجتماعي وأهمها ملف الارهاب والمساجد المنفلتة وغيره... والجميع يعلم مسبقا أن التصرف الاحادي في هذه الملفات لن يساهم في استقرار الوضع الاجتماعي وهو المسلك الذي سلكته الحكومة أسوة بسابقاتها بعدم طرح جميع القضايا الوطنية على طاولة الشركاء الاجتماعيين وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الاعراف و الاتفاق على اجراءات انقاذ وطني تكون في صالح الفئات الضعيفة و تعيد الثقة للمواطن و للمستثمر .

غير أن حكومة الصيد والاحزاب الراعية لها واجهت المطالب الاجتماعية بصمم شبه تام حيث مثل اضراب الجوع الذي خاضه مجموعة من الشباب المعطل من أجل حقه في الشغل بكل من تونس و قابس و جبنيانة و الحوض المنجمى و شارف بعضهم على الموت دون تفاعل من الحكومة الا مؤخرا كان مؤشرا ورسالة للشباب تبين مدى اهتمام السلطة الجديدة بمشاغلهم و تطالعاتهم بأن تركتهم يواجهون الموت وكانت مؤشر الفشل الظاهر في التعاطي مع القضايا العاجلة .

 تعطل المفاوضات الاجتماعية بعنوان 2014 بعد أربعة أشهر من انطلاق 2015 يكشف حجم المأزق الذي وقعت فيه الحكومة في علاقة بالملف الاجتماعي في الوقت الذي تنفلت فيه الاسعار دون رادع و لا مراقب عدى بعض الحملات الاستعراضية ، و بالنظر لاختلال التنسيق بين الوزراء تحولت الوزارات الى جزر معزولة تواجه اضرابات و احتجاجات متتالية من أجل مطالب مشروعة في التعليم الثانوي و الاساسي و العالي و الصحة و التجهيز والاتصالات و غيرها من القطاعات ولا يزال الحراك الاجتماعي متواصل ضمن أطره المنظمة من طرف الهياكل النقابية ، غير أن الاحتقان ينبؤ بتفجر الوضع الاجتماعي خارج الاطر المعتادة مما يعسّرمهمة التعامل معه وضبطه ...

هذا الفشل الحكومي و الاحتقان الاجتماعي واجهته بعض أجزاء الائتلاف الحاكم بالدعوات التقليدية لمساندة الحكومة و دعى بعضها الى حزام سياسي واسع ساند لحكومة الصيد في حين دعى الاخر الى وحدة صماء حول الحكومة تلغي دور النقابات و دور المعارضة ودور المجتمع المدني التعديلي و تكوين نظام استبدادي توافقي ، هذه الدعوات تحاول وضع الاعباء على كاهل المواطن وتطالبه بالصمت و كأن الحكومة وجدت ليخدمها الشعب لا لتدير و تيسر شؤونه و تستجيب لتطلعاته .

لذلك فما هو مطروح ليس حزام سياسي و حزام شعبي حول الحكومة فوق الحزام الرباعي الحاكم و الحزام البرلماني وانما حزام اجتماعي – شعبي من الأحزاب التقدمية و منظمات المجتمع المدني و في مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل  و القوى الحية في المجتمع حول المطالب الاجتماعية العاجلة وتوجيه الحراك الاجتماعي تلبية لمطالب الفئات الأكثر تأثرا بالازمة الاقتصادية وتعديلا للمقدرة الشرائية للمواطن وحماية للاقتصاد الوطني لكي لا يتحمل المواطن لوحده فاتورة الفشل الحكومي .

1 ماي 2015

نشر بجريدة الطريق الجديد 

Partager cet article
Repost0

commentaires

Présentation استقبال

  • : Manai Mohamed
  • : مدونة فكرية منفتحة على الواقع اليومي المعاش ... من أجل ثقافة أكثر عقلانية
  • Contact

Recherche بحث

Liens روابط