Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
2 juin 2015 2 02 /06 /juin /2015 13:16
اصلاح المنظومة الأمنية ضرورة مستعجلة في مواجهة ارهاب محكم التنظيم.

 

محمد المناعي

منذ توطن الارهاب في أجزاء من تراب البلاد التونسية وتوتر الاوضاع بالجارة ليبيا و قواتنا الامنية و العسكرية تفقد دوريا من خيرة عناصرها بين شهيد و جريح رغم تعدد العمليات الاستباقية و الناجحة في حماية المدن و المنشآت و الشخصيات من عمليات ارهابية محتملة ومبرمجة ونجاح عمليات تفكيك مجموعات منظمة ناشطة و نائمة في مختلف أنحاء البلاد في حرب شاقة ومكلفة على الارهاب يواجهها الامن و الجيش الوطنيين بامكانيات محدودة و بمنظومة هشة تعترضها عديد العراقيل و الاخلالات تتطلب اصلاحا عاجلا .

لم تكن العمليات الأخيرة التي استهدفت المناطق الحضرية سوى حلقة متقدمة من حلقات المواجهة بين المؤسسة الامنية و العسكرية و الجماعات المتطرفة و تحد جديد مطروح على منظومتنا الامنية للتعاطي معه و كسبه بعد أن بين ضعف مستوى الاستعداد ومدى جاهزية المؤسستين لمثل هذه العمليات بعد انتقال المواجهة الى العاصمة والتحول من الهجوم الى الدفاع و رد الفعل الذي أكدته عملية متحف باردو المصنفة بالغة الخطورة لا من حيث انعكاساتها على السياحة و الاقتصاد فحسب بل في تجرؤ العناصر الارهابية على تنفيذ اجرامهم في منطقة من المفروض أنها الاكثر تحصينا وحماية بالنظر لوجود مركز للسيادة المتمثل في مجلس نواب الشعب و متحف يحتضن ذاكرة تاريخية لا تقدر بثمن،  اضافة الى عملية بوشوشة التي طبعت باضطراب وارتجال في الاداء الاعلامي مما فتح الباب أمام قنوات أخرى للمعلومة والاشاعات وضعت الراي العام أمام معطيات متضاربة خاصة بين الرواية الرسمية الاولى و تبني احدى التنظيمات الارهابية العملية و طابعها المستجد.

هذه الاحداث الاخيرة اضافة الى الهجمات التي تتعرض لها قواتنا العسكرية في مناطق المواجهة بالجبال التي تتحصن بها الجماعات الارهابية ، تطرح بجدية موضوع اصلاح المنظومة الأمنية في مختلف جوانبها سواء على مستوى التشريعات التي تحمي الامنيين أثناء أداء واجبهم وتحمي أسرهم و أبنائهم ،أوعلى مستوى العتاد و التدريب ، اضافة الى تطوير التعاطي الاعلامي لقوات الامن و الجيش ، و العلاقة بالمواطن و كسب الدعم المعنوي و النفسي لمواجهة هذه الفترة العصيبة من تاريخ تونس .

بالنسبة للجانب التشريعي وكحلقة من حلقات تعثّر أداء الحكومة لم يكن مشروع قانون " زجر الاعتداء على القوات الامنية " سوى خطوة متسرعة لم تأخذ بعين الاعتبار انعكاسات تمرير مثل ذلك القانون الذي يهدد صراحة واقع حقوق الانسان في تونس الذي لا يزال هشا يتعرض بدوره لانتهاكات من عدة جهات بما في ذلك جهات أمنية حسب التقارير التي تصدرها المنظمات الحقوقية الوطنية ، كما لم يأخذ بعين الاعتبار امكانية الترفيع في منسوب التوتر في علاقة الأمني بالمواطن والحال أنه لا يزال هاجس دولة البوليس يسكن فئات واسعة من الشعب التونسي رغم باب المصالحة الذي فتحته الثورة نحو اعادة الثقة و بناء أمن جمهوري  لم يتضمن مشروع القانون أي ملامح لهذا الأمن المنشود الذي يحترم المواطن و يكون في خدمته لحمايته .

هذا المشروع الذي تعرض للرفض والانتقاد من منظمات المجتمع المدني و الاحزاب السياسية و حتى من النقابات الأمنية ذاتها لا يعني بأي حال من الاحوال لفت النظر عن ضرورة تطوير التشريعات المنظمة للمهن الأمنية و العسكرية بما يوفر القدر الكافي من الحماية القانونية في مكافحة الارهاب و الجريمة و في نفس الوقت مراعاة حقوق الانسان في التعامل مع المواطن ، بالاضافة الى مراجعة التشريعات بما يدعم حقوق عائلات الأمنيين المهددين في كل وقت بفقدان عائلهم أو عجزه وذلك سعيا لضمان تواصل جراية أعوان الأمن الوطني و القوات المسلحة في حال الاستشهاد لفائدة أسرهم و أبنائهم و تكفل الدولة برعاية عائلات شهداء الأمن و الجيش مما يعزز ثقة المواطن و الأمني نفسه في المؤسسة التي ينتمي اليها و يراعي البعد الاجتماعي لشريحة واسعة من المجتمع التونسي اختارت العمل على تأمين البلاد و المواطن .

التشريعات يجب أن تنظم أسلاك الأمن بما يضمن التنسيق فيما بينها حرسا وطنيا و شرطة و ديوانة ومختلف الفرق من ناحية و التنسيق بينها و بين قوات الجيش و تفعيل مؤسسات قيادية مشتركة تأخذ على عاتقها التخطيط و التنفيذ للحرب على الارهاب بجميع أبعادها ،هذا فضلا عن الحد من فوضى النقابات الأمنية المتعددة و المتشابكة بل و المتصارعة أحيانا مما يحد من لحمة المؤسسة الأمنية و يلقي بها في أحيان عديدة في متاهات السياسة و يفتح المجال أمام القوى المتنفذة التي تتربص بهذه المؤسسة لتطويعها أو لاختراقها و ما اشكاليات الامن الموازي التي طرحت بجدية ابان حكم الترويكا و الميليشيات التي تتحرك جنبا لجنب مع القوات الامنية في مواجهة احتجاجات أفريل 2012 سوى دافع أخر لاستخلاص الدروس و التوقي من كل محاولات اضعاف وحدة و تماسك الأمن التونسي ، هذه التشريعات المستعجلة في مقدمتها قانون مكافحة الارهاب الذي وجب التسريع في المصادقة عليه و اخراجه من التجاذب السياسوي باعتبار المسألة الامنية مسألة وطنية لا تحتمل الانقسام كما لا تحتمل التهاون .

اضافة للجانب التشريعي لا تزال قوات الأمن و الجيش ضعيفة العتاد و التدريب على الأقل مقارنة بنظيراتها التي تواجه نفس الخطر الارهابي والتحديات الأمنية على الحدود الجنوبية ، وبالتالي اضافة الى دعم الامكانيات اللوجستية و الأسلحة ،فان العمل على تطوير التدريب و التعاون مع مثيلاتها الأكثر تجربة أصبح ضرورة خاصة و أن مواجهة الارهاب يعتبر مستجدا بالنسبة لقواتنا المسلحة كما كان تعاطي الجيش الوطني مع الاحتجاجات الشعبية و الاحتكاك المباشر مع المواطن في أكثر مراحل الاحتقان الشعبي أمرا مستجدا وبالرغم من ذلك كان أداء المؤسسة العسكرية راق مستندا لعقيدة ثابتة رافقت الجيش الوطني منذ تأسيسه قائمة على حماية حدود الوطن و المساهمة في التنمية دون التدخل في الصراعات السياسية الظرفية التي طرأت على تونس ، هذه العقيدة يمكن أن تكون نقطة القوة التي تجعل من الجيش التونسي ضمن حاضنة شعبية داعمة و مشجعة في حربه على الارهاب ، هذه الحاضنة الشعبية هي نقطة ضعف الخصم الارهابي المستند بدوره لعقيدة تكفيرية و قدرة على التجنيد و توسيع صفوفه و التزود بالسلاح و العتاد و العناصر ذات الخبرة القتالية عن طريق الدول المجاورة و بمعنويات مرتفعة ومستندا لعمق ترابي مساند خاصة المجموعات المسلحة المسيطرة على غرب ليبيا و تمدد تنظيم داعش الارهابي بكل من العراق و سوريا والاعتماد على حرب غير تقليدية قائمة على حرب العصابات و التحرك ضمن مجموعات مصغرة غير معزولة و الاستناد على خلايا نائمة بالقرى و المدن و ذراع ايديولوجي لا يزال ينشط في المساجد و الأحياء الشعبية و حلقات الاستقطاب و معتمدا على مداخيل مالية هائلة و أموال عابرة للأقطار التهريب أحد روافدها تمول الانشطة الارهابية وتغطي عمليات الاستقطاب ... مع ايلاء أهمية للدمغجة و التخدير الفكري الذي يتحول الى قنابل موقوتة وجب اعداد العدة لها لا ماديا فحسب بل تأطيرا و تكوينا و تزويدا للاطارات العسكرية و الامنية بالمعارف الكافية حول العدو ونقاط قوته و ضعفه وامتداداته في المجتمع .

وبمتابعة للتعاطي الاعلامي للمؤسسة الأمنية في مواجهة الارهاب نجد وقوعها تحت ضغط الانفتاح الكلي للمؤسسات الاعلامية  وضعف الحرفية الذين دفعا الى البحث عن السبق و الاثارة و بالتالي عادة ما يتم التشويش على حقيقة الوقائع و لا يجعل من المؤسسة الأمنية و العسكرية المصدر الأساسي للمعلومة في علاقة بالأحداث و المستجدات في الحرب على الارهاب و برز ذلك جليا سواء في حادثة باردو او بوشوشة و تواتر معطيات يثبت فيما بعد مجانبتها للصواب ، ومن ناحية ثانية ضغط الأداء الاعلامي للتنظيمات الارهابية التي تعتمد على ايقاع الخصم تحت ضغط نفسي بالاشارة الى امكانية وقوع عمليات ارهابية قبل وقوعها فعلا لاثبات نوعا من المصداقية التي تخدم تماسكها الداخلي ، كما تقوم على التثمين و الاشادة بكل عملية تستهدف قوات الامن وهي جزء من الحرب النفسية التي تعتمدها التنظيمات الارهابية اضافة الى الاعتماد على الاعلام البديل و الافلات من عين المراقبة الالكترونية و غيرها ... هذه الحرب الاعلامية مطروح على قواتنا المسلحة من أمن وجيش كسبها بالارتقاء بالاداء الاعلامي للمؤسستين الامنية و العسكرية و توحيد الخطاب بما يساهم في توفير المعلومة الشافية للمواطن المعني مباشرة بما يجري و للصحفي الباحث عن الحقيقة لنقلها و تحليلها ، وخاصة بما يساهم في الرفع من معنويات الامني الميداني و يزعزع ثقة وتماسك العدو الارهابي .

ان الحرب على الارهاب هي حرب متشعبة الأبعاد يتداخل فيها الميداني مع التدريبي و الثقافي مع الفكري مع الاجتماعي و النفسي وهي حرب طويلة الأمد لا يمكن كسبها دون الاعداد و الاستعداد لها أتم الاستعداد بمنظومة أمنية متماسكة وناجعة جيدة التنظيم و التدريب و العتاد مدعومة بحاضنة شعبية وبعقيدة وطنية ثابتة غير مستهينة بقوة العدو وخطورته تنسق مع القوى الاقليمية المجاورة لسد المنافذ المغذية للارهاب لذلك فانه من الضرورة التعجيل بإصلاح المنظومة الامنية الحالية لتعزيز القدرة على حماية الوطن من الارهاب ..

 

 

اصلاح المنظومة الأمنية ضرورة مستعجلة في مواجهة ارهاب محكم التنظيم.
Partager cet article
Repost0

commentaires

Présentation استقبال

  • : Manai Mohamed
  • : مدونة فكرية منفتحة على الواقع اليومي المعاش ... من أجل ثقافة أكثر عقلانية
  • Contact

Recherche بحث

Liens روابط