Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
8 février 2016 1 08 /02 /février /2016 20:32

 

محمد الطالبي المفكر التونسي ، و الباحث في الحضارة و صاحب الاجتهادات و التجديد في الفكر الديني عادة ما تثير تصريحاته الاعلامية جدلا واسعا رغم أنها مجرد اخراج مواقفه المعتادة من مؤلفاته و كتبه الى الاعلام المرئي الجماهيري لا غير و لا جديد ، لكن وان كان من المتوقع ردود فعل العامة التي لا تقرأ و لا تفكر على جرأة محمد الطالبي و طرافة ما يطرحه و عمقه بل و خطورته أو ردة فعل الجماعات المحافظة التي لا تقبل الحرية الفكرية و التجديد و النبش في المقدس و ما يحيط به فانه من الغريب وجود هجمات على ما يطرحه الطالبي من أتباع الفكر المستنير سواء من يشاركه مشروع التجديدي في الفكر الديني من داخل المنظومة الدينية أو ذوي الطرح العلماني التي تبدو ردود فعلهم تكشف عن قلة دراية بالمنظومة الفكرية التي يتحرك فيها الرجل أو نزعة محافظة أو لوثة سياسية في اطار ما أصبح يعرف بالحساسية المفرطة من طرح المسائل الهووية و الدينية و ما تحيل له من تعمية على القضايا الجوهرية حسب رأي البعض .

من هنا تعرض محمد الطالبي لهجمات من طرفين نقيضين لخطورة موقع هذا الباحث القرآني من الفكر المتحرر و من المنظومة الدينية في نفس الوقت، فأتباع الفكر المحافظ من سنة أو شيعة أو متصوفة أومن الملتزمين بالتدين الشعبي الذي يختلط فيه الدين بالعرف و العادة يحومون حول فكر الطالبي من خارج القشور عاجزين عن مقارعته بالحجة وما التركيز على سنه و اتهامه بالخرف لدليل على غياب الحجج العقلية أو النصية لمواجهته ، وهو بالنسبة لهم أكثر خطرا من العلماني أو الملحد أو التابع لدين آخر باعتباره يقارع من داخل المنظومة نفسها بالنصوص نفسها مع فرق أنه يختلف عنهم في المذهب ، فهو قرآني أقرب للتدين المجرد الذي لم يلوثه التاريخ بالمذاهب و المدارس و التوجهات و الكتابات التي أصبح بعضها يضاهي النص القرآني في قداسته ككتاب البخاري و مسلم و نهج البلاغة وكتب مالك و ابن حنبل و ابي حنيفة و غيرهم أو لوثة المصالح السياسية التي طوعت الدين حسب المقاس فهو يعتبر كل هذا الركام الذي أسس " الشريعة " كقانون و أحكام وضعية وضعها البشر في ظرف سياسي معين و حضاري و تاريخي محدد و بحث لها عن مسوغات و مبررات في النص القرآني و تم تسويقها على أنها مقدس يعتبرها المنهج القرآني مجرد تراث يستأنس به ككل ما كتب في التاريخ وهو خالي من القداسة اطلاقا و من كتبه مهما كانت علاقته بالرسول هو بشر عادي له طموحات و نزوات و نوازع و نقائص ومصالح و غايات دفعته لفهم معين وقول معين دون آخر مما ينزع عن فعله و قوله وروايته كل قداسة .

المنهج القرآني الذي عادة ما يتهم أتباعه بنكران السنة وهي تهمة جاهزة داخل المنظومة الدينية التي يغلب عليها تقديس القرآن و ما روي عن النبي مطلقا سواء ما رواه الصحابة عموما عند أهل السنة أو ما رواه أل البيت تحديدا عند الشيعة في حين يرى القرأني أن أحكام الدين الاسلامي الربانية وردت في القرأن مكتمله و ما تفاصيلها و تفسيرها الذي ورد مرويا عن الرسول فيؤخذ منه ما يتوافق و نص القرآن والمرويات في كل الحالات للتحقيق التاريخي لا قداسة فيها .

هذا الطرح الذي يلقي بالشريعة باعتبارها منتوجا بشريا خلفه و يعيد التفكير الديني الى أصوله انما ينسف نقطة قوة الطبقة الدينية التقليدية التي تتحكم في عقول اتباع الدين وفق منطق التعمية و الاغراق في الالتزامات و الواجبات تقليدا لاشخاص بعينهم او التزاما باقوال هي مجرد نصوص تاريخية لا علاقة لها باحكام الدين الواردة في القرآن .

من هنا كان الهجوم على محمد الطالبي لانه طرح العودة بالدين الى الدين نفسه لا الى شوائب التراث و التاريخ فهو لا يعتبر ان قضايا التحريم و التحليل حسمت بمجرد قول احد المجتهدين انها حسمت بل يعتبر النص الديني مفتوحا للاجتهاد و التفكير و التدبر مطلقا .

من جهة ثانية يتعرض محمد الطالبي الى هجمات من مستنيرين أو باحثين أو علمانيين خاصة عندما يتعلق الأمر بانخراطه في نوع من أنواع التكفير أو ما يسميه بالانسلاخ من الدين وهي تهمة وجهها للعديد من الرموز و الأعلام ، الذي يلومه من منطلق علماني يتناسى أن محمد الطالبي ليس مفكر علماني يؤمن بأن الدين مجرد مشاعر فردية تهم الشخص دون غيره و لا أحد من حقه التدخل فيه و في معتقده فله حرية المعتقد و الضمير عموديا دون طرحها اجتماعيا ، بل محمد الطالبي من داخل المنظومة الدينية وهو يمثل أحد مذاهبها ومناهجها الفكرية فهو يعتبر الدين معطى حضاريا و نصوصه تجعل من حق الباحث المؤمن أن يستعملها بأكملها دون التغافل عن احداها التزاما بالمنظومة الكونية لحقوق الانسان ، فالنص الديني يصنف المؤمن والكافر وفق معايير واضحة و المؤمن من داخل المنظومة الدينية يتبنى اليا هذا التصنيف و بالتالي لا يوجد مذهب ديني لا يكفّر بما في ذلك المذهب القرآني الذي يتبناه الطالبي ، مع فرق شاسع أن التكفير أو الاتهام بالانسلاخ من الدين وفق المذاهب التقليدية من سنة و شيعة و غيرهما عملا بالشريعة ينجر عنه القتل عملا بنص مروي عن الرسول يقول من بدل دينه فاقتلوه ... هذا النص في المنهج القرآني لا محل له من الاعراب فهو متناقض مع ايات القرأن التي تقول من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر و لا اكراه في الدين فضلا عن الايات التي تتحدث عن عقوبة المرتد في الاخرة و لا تقر باي عقوبة دنيوية و لا تكلف اي كان بتتبع من امن و من كفر ومعاقبته ...

وبالتالي تهمة الانسلاخ ليست تكفيرا بالمعنى السلفي او الوارد بالشريعة ، و من يناقش الاستاذ الطالبي يناقشه اما من منطلق علماني و الطالبي ليس بعلماني أو من منطلق سلفي ملتزم بالشريعة و الطالبي ليس سلفي و لا ملتزم بالشريعة بل مسلم قرآني و مفكر حر يقدم أراءه و يعتبرها أراء واجتهادات ليست فتاوى و لا قرارات نهائية كما يفعل أتباع المذاهب وصناع الشريعة .

....

محمد المناعي

Partager cet article
Repost0

commentaires

Présentation استقبال

  • : Manai Mohamed
  • : مدونة فكرية منفتحة على الواقع اليومي المعاش ... من أجل ثقافة أكثر عقلانية
  • Contact

Recherche بحث

Liens روابط