Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
16 juin 2011 4 16 /06 /juin /2011 16:31

التأخر في محاسبة المتورطين يعرقل المسار الثوري

العدالة الانتقالية والصحوة الشعبية من ضرورات المرحلة

trubinal-tunisie-17032011-300.jpg

كثيرة هي الأحداث التي تبدو في ظاهرها على شاكلة الثورات ولكن تتردى في تكرار واسترجاع الماضي واجترار نظم وممارسات سابقة تجعل من الثورة أبعد مصطلح لوصفها ...ثورة تونس انطلقت من قطع راس الفساد و راس النظام القديم كخطوة أولى وضرورية  وهامة ان لم تكن الأهم ...ذهبت أشواطا في العمل على القطع مع المنظومة التشريعية السابقة و محاولة القطع السياسي مع الماضي ...ليس بمجرد الاسهال الحزبي الذي لا يتطلب ثورة بل مجرد انفراج ... بل بايجاد ارضية للتوافق حول بناء مستقبل سياسي لتونس يقطع مع ماضيها الدكتاتوري ، استفاقة شعبية واعتناء بالشأن العام تمثل بادرة للقطع مع الاستقالة الجماعية التي طبعت الفترة الماضية والتي لم تفسح المجال سوى للإنتهازيين و الناهبين والعسس ...

لكن الثورة كسياق متصل وليست كحدث زائل لا تزال في مراحلها الأولى ولن تكون نهايتها بارساء نظام سياسي ديمقراطي بل مراحلها الختامية بالقطع مع عقلية و نفسية الإنسان التونسي القديمة و تعويضها بسلوك التعايش الجماعي والاعتراف بالأخر وقبوله و التضامن النابع من الجوهر و التسامح النابع من القناعة و الوعي بان الشأن العام شأن كل تونسي لا شان من هو في السلطة مع بناء رابط من الثقة مع الفطنة والمراقبة والمحاسبة .

المحاسبة هي ذلك المسار الذي فشلت فيه تونس ما بعد 14 جانفي وهو ما يعمق يوما بعد يوم الهوة بين المواطن وبين النخب السياسية التي أخذت على عاتقها عملية الاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي و تحقيق اهداف الثورة وحتى تلك التي تحملت مسؤولية تسيير شؤون الدولة مؤقتا مع اهتزاز الثقة في المؤسسة القضائية والامنية و يصل الأمر الى عدم الارتياح للتشكيلة الحزبية الطويلة التي تدافع عن برامجها ولا تلح في فتح ملفات الفساد و سفك الدماء و محاسبة الفاسدين والمتورطين في عصابات التجمع السابقة وكأن لسان حال الجميع يقول عفى الله عما سلف ...لن يعفو الشعب عما سلف وسيضل يلح على محاسبة كل من كانت يده ملطخة بدماء هذا الشعب وكل من تمعش بأموال البلاد وفقّر شعبها ودمر مستقبل شبابها و أخرس ألسنة عقلائها ومناضليها ...من العصابة التي تواترت على الحكم الى العسس صغار مصاصي الدماء الذين امتهنوا الوشاية و كيد المكائد والدسائس لكل مواطن شريف لم يرضى الانغماس معهم في دوامة المتاجرة بمصير الشعب ...

ما يهم اليوم هو خطوات عملية على طريق المحاسبة كخطوة ضرورية قبل اي نوع من انواع المصالحة لكن هناك واقع يتميز بمؤسسة أمنية لا تزال على حالها الأول ومؤسسة قضائية لا تزال مرتبطة تشريعيا بالسلطة التنفيذية و يخشى اغلب القضاة من فتح ملفات الفساد خوفا من فتح ملفاتهم هم انفسهم ...حكومة تؤجل البت في عدة قضايا متعللة بان القضاء هو الفيصل و بتفجير الوضع الأمني ...ومواطن اهتزت ثقته بكل هؤلاء فلم يعد يرى في الثورة تغييرا يذكر ما دامت امواله التي نهبت لا تزال في البنوك الأجنبية و العصابة التي مصت دمائه و قتلت ابنائه لا تزال طليقة تجوب الشوارع و تجلس في المقاهي بل وتؤسس احزابا و تستعيد الحلم بكرسي الحكم ...

يبدو ان لا حل لمثل هذا المأزق غير عدالة انتقالية ربما تتمثل في تكوين لجنة قضائية تتركب من بعض القضاة النزهاء تحدث توافقيا بين جميع الأطراف السياسية و الهياكل النقابية الممثلة للقضاة توكل لها مهمة مسك الملفات العاجلة للمتورطين في قضايا فساد مالي او قضايا اطلاق النار على الأبرياء وقضايا التعذيب و تعمل في استقلالية عن السلطة التنفيذية وتفتح المجال لشهادات المواطنين ولكل الملفات التي تم جمعها سواء من لجنة تقصي الحقائق او من المحامين ومن عامة الشعب ... وهذا ممكن جدا ولا يتطلب الوقت الذي يتطلبه اصلاح كامل المنظومة القضائية او بناء الشرعية السياسية التي يمكن ان تطول و تندثر معها ملفات الاجرام في حق هذا الشعب .ومع المحاسبة القضائية لابد من محاسبة شعبية ليست بالانتقام بل بالعمل على تهميش كل من تورط في منظومة النظام السابق سياسيا وخلق فراغ شعبي من حوله واحياء الذاكرة حتى ولو فتحت لهم بعض الأحزاب مصراعيها لتنظيف ماضيهم و الظهور بحلة جديدة في تلاعب بذاكرة التونسي ...الذي سيتربص بهم في كل دكان فتح لهم يذكرهم بماضيهم ويعتبر من ظلمهم و يتقي غيرهم من اللصوص الناشئة .

 

محمد المناعي

10.jpg

Partager cet article
Repost0

commentaires

Présentation استقبال

  • : Manai Mohamed
  • : مدونة فكرية منفتحة على الواقع اليومي المعاش ... من أجل ثقافة أكثر عقلانية
  • Contact

Recherche بحث

Liens روابط